كنت أشرب الكابتشينو منتظراً بداية حلقة الإعلامي اللامع الأستاذ/ محمود سعد والتي يستضيف فيها الدكتور/ سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة … ولمحت نظرة ماكرة في عيني الأستاذ/ محمود سعد وهو يقدم الدكتور سعد معرفاً إياه بأنه الأمين العام لحزب الحرية والعدالة “الذراااااااااااع” السياسي لجماعة الإخوان المسلمين … فوجدتني أهتف “قوله أنا مش دراع … قوله أنا مش دراع” … ولكني وجدت الدكتور يهز رأسه مبتسماً … يبدوا وكأنه سعيد ومرتاح بهذا التعريف “الذراعي” … الرجل سعيد بأنه الأمين العام ل“الذراع”
ووجدت نفسي تحدثني “هو ليه إحنا بس اللي عندنا ذراع والتانيين معندهمش” – نفسي تحدثني عادة بالعامية –
دعونا نناقش فكرة “الذراع” السياسي أو “الجناح” السياسي أو أياً كان اسمه … أري أن فكرة الذراع السياسي بالأساس فكرة عنصرية تمييزية ولا تصلح مطلقاً للحالة المصرية … في لبنان فإن الذراع السياسي هو الحل المناسب لطبيعة الاصطفاف الطائفي في الحالة اللبنانية … وفي فلسطين فان الجناح العسكري والجناح السياسي هما ضرورة حتمية وهما الحل الوحيد الممكن للعمل السياسي من أجل إنقاذ وطن تحت الاحتلال … أما عندنا فإن الذراع السياسي للتنظيم هي فكرة عنصرية بامتياز لأنها تجعل الإخوان تنظيم له مصالح خاصة يستخدم “ذراعه” السياسي لتحقيق هذه المصالح وبالتالي يجعل من الإخوان جبهة مغلقة في مقابل بقية الشعب المصري … فطبيعي أن الناس ستحجم عن عضوية حزب “ذراع” .. مجرد “ذراع” قراره ليس بيده بل بيد التنظيم … “الذراع” السياسي غير مناسب للحالة المصرية إلا لو كنت تنشئ حزباً لأفراد التنظيم وليس لكل المصريين .. وهذا غير مقبول قطعاً
ألمح سؤلاً يُلح علي طرف لسانك يقول : إذا كان هذا الكلام صحيحاً .. فكيف حصل “الذراع” علي 46 بالمائة من مقاعد البرلمان بل وكلنا يعلم لو أن الانتخابات أجريت بالنظام الفردي لحصل علي أكثر من 70 بالمائة من المقاعد ؟
والجواب أن ملايين المصريين لم ينتخبوا ذراعاً سياسياً يعبر عن إرادة تنظيم ما بل انتخبوا الإخوان المسلمين بما لهم من رصيد وتواجد حقيقي في الشارع وبما لهم من مصداقية وأمانة وما لهم من رصيد من الثقة عند الناس … وهي ثقة نظن أنها ستكون في محلها بإذن الله … وأحب أن أفرق بين أن ينتخب الناس الإخوان وأن ينتمي عامة المصريين من الشباب المهتمين بالعمل السياسي إلي حزب الحرية والعدالة وأن يُقبلوا علي عضويته
إن الآلاف من شباب مصر الطامح والمتعطش للعمل السياسي في بلده التي بدأت تتنفس حرية ؛ هذا الشباب يريد ممارسة العمل السياسي في حزب مستقل بإرادته لا يخضع لوصاية تنظيم أو مكتب إرشاد
أليس من حقنا أن نتفاخر بأن الحزب الأعرض في الحياة السياسية المصرية هو حزب مستقل كامل وليس مجرد “ذراع” … أوليس من حقنا – نحن أصحاب الفكرة الإسلامية – أن يكون لنا أحزاب جماهيرية تضم في عضويتها كل المصريين وتتفوق شعبيتها علي شعبية النادي الأهلي … قولوا لي كيف سيحدث هذا باستخدام “ذراع”…
وأخبروني بالله عليكم منْ مِن الناس – من غير الانتهازيين والرقّاصين – سيرتضي بدخول حزب “ذراع” قراره ليس بيده بل بيد بعض أعضاء مكتب الإرشاد … وأخبروني عن سياسي محترم – من خارج التنظيم – يود الانضمام للحزب ليبدأ فيه نضاله السياسي تحت وصاية التنظيم.
بل إنني أتنبأ أن تبدأ الصدامات والمشاكل داخل “الذراع” من كل سياسي يحترم عقله ويحترم ناخبيه .. فلن يرتضي أن يكون “طرطوراً” … ينفذ التعليمات التي تأتيه من التنظيم
“حزب الجماعة ده حاجه كده تفكرك بحزب الحكومة أيام المخلوع” … كم آلمتني هذه الكلمات ومثيلاتها التي تملأ صفحات تويتر …
لن أدخل حزب الحرية والعدالة حتي يكبر وينضج وننسي جميعاً أنه كان يوماً ما مجرد “ذراع”.. سأكون أسعد الناس بهذا الحزب – الأعرض في الشارع المصري – حين يستقل بقراره عن الجماعة … فالاستقلال بداية طريق النجاح للحزب ولمصرنا التي نحبها
الخلاصة – حزب الجماعة “الذراع” سيضر بالجماعة دعوياً لأن الجماعة ستتحمل تبعات الخيارات التنافسية للحزب وما تنطوي عليه من كر وفر وتحالفات وتجاذبات ومناورات وتكتيكات وهو مالا يتحمله منطق الدعوة وسيخصم جزماً من رصيدها …
وفي المقابل فإن الجماعة بوصايتها علي الحزب وتحكمها به ستخنقه وتعزله عن حركة الشارع المتعطش للعمل السياسي … فلا يبقي في داخل الحزب إلا أبناء التنظيم وليس كلهم بل فقط من يستطيع أن يتحمل وصاية مكتب الإرشاد ومن كان آخر طموحه أن يكون “ذراعاً” وليس حزباً كاملاً مستقلاً
نظرت طويلاً إلي شعار الحزب “أسسه الإخوان …. لكل المصريين” وتساءلت كيف تتواءم كلمة “لكل المصريين” مع موضوع “الذراع” …. فلم أجد إجابة
عبدالرحمن محمد رضا
___________________________
طالع المقال علي : صحيفة المجتمع المصري – جريدة 25 يناير –