جلس الشيخ الوقور إلي جانب السائق وهو يتمتم بدعاء الركوب وقد اعتاد الشيخ الصالح تواضعاً أن يجلس بجانب سائقه الخاص وأن يتبادل العبارات اللطيفة المازحة مع “عم أحمد” كل صباح ولكنه علي غير عادته لم ينطق بكلمة … وكان بادي الشحوب وعليه آثار تعب كأنه قادم من سفر بعيد ولم ينم ليلة أمس … امتدت يد الشيخ ليفتح الراديو ويستمع إلي الأخبار – كلها أخبار سيئة كالعادة – ولكنه شرد متذكراً ما حدث بالأمس في مكتبه حين علا صوت عضوي مكتب الإرشاد وهما يتشاجران مع أحد أعضاء مجلس الشعب البارزين في نقاش حاد انتهي بهذه العبارة : “ده حزب الجماعة وهيفضل حزب الجماعة .. وإذا ما كانش عاجبك استقيل أو شوف لك حزب تاني” … وهنا ارتفع ضغط الشيخ وأصابته أزمة في التنفس فهرع الحاضرون لإسعافه وقاموا بنقله إلي منزله .. ولكن الرجل مقاتل عجوز صلب العود لطالما قاسي المحن في سبيل دعوته وتحمل صابراً .. وتعود علي أن ينهض من عثرته بسرعة…
أفاق الشيخ من شروده علي صوت منبعث من الراديو تعرفت عليه أذن الرجل بسرعة وأيقظته من شروده … إنه صوت أحد الوزراء يدلي بتصريح سياسي … وشعر الشيخ بنوع من الارتياح .. فهذا الوزير هو تلميذه النجيب … ولكنه لم يلبث أن أحس بغصة حينما تذكر صعوبة موقف الحكومة التي رمتها الدنيا عن قوس واحدة لأنها “حكومة الإخوان” …
اقتربت السيارة من المكتب ولاحظ الشيخ وجود حركة غير طبيعية وزيادة لأعداد المتواجدين بالشارع علي عكس الطبيعي في هذه المنطقة الهادئة من القاهرة … بعضهم يحمل لافتات تندد ب“حكومة الإخوان “ …
“يظهر فيه متظاهرين عند المكتب النهارده يا دكتور ” … قال السائق هذه الكلمات ببسمة مصحوبة بنوع من العصبية … فتنهد الشيخ ورد عليه : “الله المستعان”
أوقف عم أحمد سائق الشيخ السيارة في مكانها المخصص – وكان بعض شباب الإخوان في انتظار المرشد للاطمئنان عليه – وما إن توقفت السيارة حتي انهالت عليها قذائف البيض والطماطم من المتظاهرين المتواجدين بالشارع وهم يرددون عبارات غاضبة ضد “حكومة الإخوان” …
اتسعت عينا الشيخ عن آخرهما داخل السيارة وهو يحدق في الزجاج الذي اصطبغ باللونين الأصفر والأحمر … ولمح الرجل مئات الفلاشات لعدسات المصورين فيما يبدوا وكأنه حادث مدبر …
“لا حول ولا قوة إلا بالله … لا حول ولا قوة إلا بالله” تمتم الشيخ في ألم
تجمع شباب الإخوان حول سيارة الشيخ وأخرجوه حائلين بينه وبين قذائف البيض ولكنهم لم يستطيعوا منع قذائف فلاشات كاميرات الفضائيات … التي ستظل تذيع تلك اللقطات لأيام كثيرة قادمة .
مسح الشيخ بعض الآثار التي لحقت به وهو يصعد السلم الموصل لمكتبه وهو يدعو :” اللهم إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي … لك العتبى حتي ترضي … لك العتبى حتي ترضي “
………………………………………
لن أكمل سأتوقف هنا … وأدعوا كل الإخوان بمن فيهم أعضاء مكتب الإرشاد إلي البدء جدياً في أخذ خطوات حقيقية – وليست إعلامية – للفصل الكامل بين الحزب والجماعة … أري أن تعلن الجماعة بشكل واضح لا غموض فيه أنها لن تكون طرفاً في المنافسة علي سلطة وأنها ستقف علي مسافة واحدة من كافة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وأنها ستكون داعمة لهذه الأحزاب وسيكون لها دور ضاغط من أجل التنسيق فيما بينها..
لم أشأ الحديث فيما جري للدكتور / غزلان في نقابة الصحفيين حتي نهدأ ونتأمل … ما حدث لغزلان هو فقط مقدمة وأول الغيث لما سيلحق بنا من غبار الزج بالجماعة في ميدان التنافس الحزبي .
يجب أن ننتبه قبل أن نفيق علي “البيض الممشش”
___________________________
طالع المقال علي : صحيفة المجتمع المصري – جريدة 25 يناير
mohamed
8 جانفي 2012 at 5:18 م
الله عليك يامبدع…. طبعا دى مشهد فنى معمول له زووووووووم عشان التوضيح مش أكتر ((((:
ahmad
8 جانفي 2012 at 6:41 م
رائع ونسأل الله السلامة
عبدالناصر سـعيد الشـّــافعى
9 جانفي 2012 at 9:35 ص
لو كان المخلوع تخلــّى عـن رئاســة الحزب الواطـــى ، لفصـــل الأخــوان بــين الحـزب والجماعـــة.
هـــم ونظــام مبــارك ســواء ولــن يفعلوهــا أبـــدا .. أبــدا
صلاح محمد رضا
10 جانفي 2012 at 9:20 ص
السيناريو يفترض حدث وضع مأسوي ، أري في تخيل حدوثه تشاؤما يسبق الأحداث، ولا أوافق علي أن تقف الجماعة علي مسافة واحدة من جميع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فالأحزاب السلفية مثلا الأصالة والنور…إلخ وفناؤهم الخلفي في أحزاب السلفية الجهادية(الجماعة الإسلامية) يمثلون اللون المتشدد في الطيف الإسلامي وهم الأقل نبلا والأفقر ثقافة والأكثرإقصاءا وكبرا وكسبا للعداوات ووسيلتهم المغالبة في ممارسة العمل السياسي وغيره، وأحزاب مثل الوسط أكثر ميلا نحو الليبرالية، في حين لم تتضح ملامح توجهات أحزاب أخري كالنهضة والريادة، والجميع ممن ذكرت لا يمثلون الإخوان فكريا وهم وإن كان يصعب التنسيق مع بعضهم كحزب الوسط فااتنسيق والتوافق مستحيل مع السلفيين وإزاء هذا كله لا أجد غضاضة في أن يكون الحرية والعدالة ذراعا سياسيا للإخوان المسلمين يحمل أفكارهم وفهمهم للدين وبرنامجهم لإدارة الحياة ويحملوهه علي كواهلهم ويرعونه من كد ذراعه
م، ويجد في انتظام كوادرهم سمتا له مدفوعين بالتزامهم بقواعد السمع والطاعة والتضحية حتي لو كان ذلك لفترة يفرضوا هم بذلك الأداء طابعا لعمل الحزب يسري علي من ينضوي تحت لوائه من غيرهم ومن بعدهم… والله أعلم
abdoureda
10 جانفي 2012 at 9:51 ص
سيناريو تذمر الشارع من حزب الحرية والعدالة … ليس هو المقصود … المقصود هو ما سيلحق بدعوتنا من أذي نتيجة خوض غمار المنافسة السياسية … المقصود أن نفصل الحزب عن الجماعة بشكل كامل وحقيقي ولا ننتظر حتي يُضرب المرشد بالبيض في الشارع … أو ينزل الناس الدكتور / حسن من علي المنبر بسبب تذمرهم من خيارات الحزب السياسية
الفصل مطلوب ومهم للغاية … وهو فصل وظيفي بالمناسبة … بمعني أنني لو انتسبت لأي من أحزاب الوسط الإسلامي سأظل فرداً من الإخوان ولكن بلا تكاليف دعوية بمعني تفريغ جهد الشخص لعمله الحزبي …
الذراع السياسي هي فكرة عنصرية وإن شئت فقل طائفية ولا تصلح للحالة المصرية … فمن من الناس – غير الإنتهازيين و الرقاصين – سيرضي بدخول حزب قراره ليس بيده … عليه وصاية من مكتب الإرشاد
أظن أن الذراع السياسي نظر تحت أقدامنا وليس نظر للأمام … المطلوب أن يكون الحرية والعدالة حزب لكل المصريين – زي النادي الأهلي – فقل بالله كيف سيحدث ذلك وأمر الحزب ليس بيده بل بيد خيرت الشاطر وغزلان