كان صاحبنا مرشح الرئاسة يجلس في انتظار دوره للدخول للاجتماع المتفق عليه مع سيادة الفريق عدنان … انفتح باب حجرة الفريق وخرجت منه المذيعة اللامعة تلميس الهويدي وهي بادية الانزعاج مستغرقة في التركيز في “التعليمات” التي أملاها الفريق ؛ حتي أنه عندما ألقي صاحبنا عليها التحية لم تحس به ولم ترد عليه … فابتسم صاحبنا ودخل إلي حجرة الفريق …
– مساء الخيرات يا سعادة الباشا … هتف صاحبنا المرشح الرئاسي وهو يتقدم فاتحاً ذراعيه وعلي وجهه ابتسامة كبيرة
ولكن الفريق الذي اعتاد أن يضع علي وجهه قناع دائم هو خليط من العبوس والتعالي والضجر؛ لم يرد تحية صاحبنا واكتفي بأن يقول : أهلاً يادكتور تفضل … ويشير إليه بالجلوس بطريقة آمرة .
كان صاحبنا المرشح يجلس بأدب ويهز رأسه موافقاً وهو الذي اشتهر بجلسته المتنعتة المتعالية فلم تصطاده الكاميرات إلا وهو واضعاً ساقاً فوق الأخري … إلا هنا في مكتب الفريق فإنه لا يملك إلا أن يجلس بأدب ويقاوم رغبته الملحة في أن يضع ساقاً فوق الأخري كعادته؛ ظل المرشح الرئاسي يومئ برأسه ايجاباً وهو يستمع بانتباه شديد للفريق الجالس علي مكتبه الضخم وممسكاً بسيجاره الكوبي باهظ الثمن … أنهي الفريق كلماته بكلمة “…مفهوم؟” ؛ فردد صاحبنا متلعثماً : “مفهوم يافندم”
قام الفريق من علي كرسيه ماداً يده للأمام بعجرفة متعمدة لينهي الإجتماع قائلاً : “مع السلامة”
فانتفض صاحبنا وهو يتصبب عرقاً وهو يتصنع ابتسامة باهتة ومبتلعاً إهانة الرجل القوي ؛ نظر صاحبنا في عين الفريق ووسع ابتسامته وهو يمد كلتا يديه ليصافح يد الفريق وهو يردد في تلعثم واضح : “الله يسلمك يافندم ..أأ.. الله يسلمك” ؛ ولكن ملامح الفريق ظلت علي عبوسها وعجرفتها ؛ سحب الفريق يده من يد صاحبنا بسرعة في قرف متعمد وجلس فوراً متصنعاً الانشغال ؛ أسرع صاحبنا بالانصراف متعثراً في خطواته وهو يعيد تكرار “التعليمات” التي سمعها حتي لا ينسي منها شيئاً …
جلس صاحبنا في سيارته الفارهة ؛ أخذ نفساً عميقاً فلقد شعر بارتياح لأنه عاد لممارسة هوايته في وضع ساق فوق الأخري والحديث بتعالٍ مصطنع
: اطلع يابني علي قناة تي بي تي
: ربنا يوفقك النهاردة يا سعادة الباشا … ردد السائق هذه العبارة مع ابتسامة تملق بلاستيكية عريضة ملأت وجهة وأظهرت جميع ألوان أسنانه ؛ لكن الابتسامة لم تستطع إخفاء النظرة التي تقفز من عين السائق وتجمع بين الخوف والبغض والطمع
لم يرد صاحبنا لأن ذهنه كان مشغولاً في محاولة التركيز كي لا ينسي أي شيء من تعليمات الفريق ؛ ومع ذلك شرد وهو يحدث نفسه
– ما هذا الذي تفعله ؟! ألم يكبر سنك علي تحمل هذه الإهانات وهذه الحياة المتوترة في نهاية حياتك بدلاً من الاستجمام والراحة واللعب مع الأحفاد ؟!
– حلم حياتي أن أكون الرئيس ؟ أولست أنا أفضل من هذا الح…- تيت – الذي كان رئيساً ؟!!
– لا تخدع نفسك ؛ لن تكون رئيساً أبداً ؛ أنت مجرد خيال مآته … الرئيس الحقيقي هو الفريق المتعجرف
– لا يهم المهم أن أكون رئيساً أمام الناس … الفخر … المجد …
– ولكن ….
قطع تفكيره صوت السائق : وصلنا يا سعادة الباشا
لمح صاحبنا المذيعة تلميس وهي بادية الإحباط والقلق ولم تكلف نفسها عناء الابتسام وهي تمد يديها وتسلم عليه بفتور ؛ وقد بادلها صاحبنا بروداً ببرود … لم تمض دقائق عند حضور الكاميرات إلا وتحول البرود والقرف علي وجهيهما إلي ابتسامة بلاستيكية عريضة … وبدأ اللقاء علي الهواء مباشرة
… دخان السيجار الكوبي يتصاعد أمام شاشة التليفزيون الكبيرة المعلقة علي حائط مكتب الفريق وهو يتابع اللقاء باهتمام
… وتستمر الحملة الرئاسية …
ستنتصر ثورتنا بإذن الله
عبدالرحمن محمد رضا
_________________________
طالع المقال علي : موقع علامات أون لاين