RSS

أنت مصري … أنت واحد من ستة

24 ديسمبر

مربعات الدملقد أثار العسكر في مصر ضباباً ثقيلاً حتى انعدمت الرؤية ولم يعد الناس يعرفون في أي مربع يقفون؛ لم يعد يُعرف الحق من الباطل والطيب من الخبيث؛ فوقف الناس في مصر مواقف مختلفة وفي مربعات متباينة في ميادين الثورة حتى انفجر نهر الدماء في رابعة والنهضة فروت هذه الدماء الزكية أرض مصر وبددت هذا الضباب بل وحاصرت هذه الدماء الزكية المصريين وحصرتهم في مربعات ستة. كل مجموعة في مربعها الخاص لا تستطيع منه فكاكاً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

أري أن الشعب المصري صار محصوراً في هذه المربعات الست:

# أحرار

# عبيد

# فاسدون وأعداء للثورة

# النصارى

# المتلوّنون

# سلبيون ( كنبة )

وسنوجز باختصار في وصف كل مربع مع التأكيد على أنه يمكن تقسيم كل مربع من المربعات الست إلى فئات وشرائح مختلفة – داخل كل مربع – ولكن ما يوحد بين هذه الشرائح هو موقفهم من الثورة.

فلنبدأ إذن في وصف كل مربع

#الأحرار: هم أولئك المؤمنون بالحرية، تسري العزة في دمائهم وتملأ شغاف قلوبهم. هم هؤلاء الرائعون الذين استشهد أحباؤهم أو هُجِّروا أو سُجنوا ولم تهن لهم عزيمة أو تلن لهم قناة ولم يتركوا الشارع منذ سنوات ولن يتركوه، هؤلاء الأحرار هم ملح هذه الأرض، عندما تقع عينك على أحدهم تأخذك الدهشة من هذه البسمة الواثقة التي لا تفارق ثغره وكأنها تخبرك أننا علي الحق، مكتوب على جبهته “مكملين” يقرأها كل مؤمن، ذلك البريق الذي لا يخبو في عينيه ينبئك أن النصر أقرب إليه من شراك نعله. هم هؤلاء الذين نسوا الخوف ونسيهم وطلقوا الدنيا وهي تجر أذيالها لتلحق بهم. هؤلاء الذين يحدثونك أن الحدود تراب وأن مردنا إلى تراب وأن وراءناً يوماً نُرجع فيه إلي الله، هؤلاء الذين يحدثونك بيقين وكأنهم باتوا ليلتهم في الجنة ثم هم عائدون إليها بعد ساعات.
ويلحق بهؤلاء الذين ينكرون سفك هذه الدماء الزكية بألسنتهم وقلوبهم ولكن ليست لديهم القوة على مواجهة الرصاص في الشوارع ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

#العبيد: هم هؤلاء المساكين الذي ولدوا في الأَسْر وعاشوا فيه طوال عمرهم، فهم لا يستطيبون العيش إلا تحت حذاء طاغية ولا ينامون إلا على لسعات كرباجه؛ فهؤلاء المساكين يصعب وأحياناً يستحيل عليهم أن يحيوا في نور الحرية.

مثلهم في ذلك كبعض زنوج أمريكا حين صدر إعلان التحرير وأُرغم مالكوا العبيد علي تحرير عبيدهم؛ فكانوا يعودون إلى أسيادهم ويبكون عند أقدامهم يطلبون العودة في خدمة أسيادهم لأنهم لا يستطيعون العيش وحدهم لا يمكنهم الحياة إلا في ظل أسيادهم، لا يستطيع أحدهم أن يحيا إلا في كنف سيد قوي قاهر يحيا تحت ظله وفي حمايته !!! … لقد ولدوا في الأسر وعاشوا فيه طول عمرهم ولم يعرفوا طعم الحياة الحرة يوماً، أن تطلب من أحدهم أن يحيا بكرامة ويستمتع بالحرية كمن يطلب من سمكة أن تحيا خارج الماء. وهؤلاء للأسف هم غالبية شعبنا المصري.

#الفاسدون: وهم من أعداء هذه الثورة الذين اعتادوا أكل الحرام وشربوا من نهر الفساد الجاري في عهد مبارك وقد رفعتهم دولة مبارك الفاسدة فوق رقاب بقية المصريين وجعلتهم طبقة مميزة من “الباشوات”، وكما كتب الأستاذ فهمي هويدي في عهد مبارك أنه لا يكفي أن تكون مصرياً لتعيش في مصر بل يجب أن تكون مصري و”حتة” وهذه “الحتة” تعني أن تكون ضابطاً أو إعلامياً أو قاضياً أو صاحب أموال أو…  أو… فهؤلاء وأسرهم هم أعداء الثورة وأعداء الحرية والعدالة التي ستسوي بينهم وبين #العبيد. هم قطعاً أعداء ٢٥ يناير التي ستسلبهم امتيازاتهم ونفوذهم وتنزلهم من فوق رقاب الناس بل ربما استردت الثورة أموالهم الحرام.

#النصارى: مع أنهم ليسوا كتلة واحدة ولكن يمكن القول إن غالبيتهم الكاسحة يقفون في الوسط بين #العبيد وبين #أعداء الثورة فهم عبيد ولكنهم عبيد لكهنوت الكنيسة ولأن باباوات الكنيسة مملوئين بالحقد علي الإسلام ومتشبعين بأوهام مصر المسيحية فهم يقفون موقفاً مخزياً وسيدفعون للأسف ثمناً باهظا لأحقاد وحماقات تواضروس.

#المتلوّنون: وهم من اعتادوا الرقص على الحبال والأكل على كل الموائد فهم مباركيون ثم ثورجية ثم إسلاميون وأخيراً تعسكروا وقد كانت السنة الفائتة كاشفة بحق لهؤلاء فلم تعد لأحدهم فرصة لإعادة التلون.

وأخيراً #السلبيون: وهم حزب الكنبة الذي لم يتحرك ولن يتحرك يوماً. هم الذين يعيشون على هامش الحياة وقد ابتلوا بخفة العقل وضعف البصيرة وانعدام العزم وتدني الهمة ونقص المروءة مع شدة الجبن وبلادة الحس. وهم بالمناسبة ليسوا اختراعاً مصرياً بل هم موجودون دائماً وفي كل بلاد الدنيا ولكنهم طبعاً أقل عدداً في البلاد التي عرفت طريقها للحرية. وبالمناسبة فإن عدداً لا بأس به من هؤلاء هم من الإسلاميين الذين برروا لأنفسهم وقالوا “نعتزل الفتنة”

لقد فصلت الدماء الزكية بين المصريين وأقامت جدراناً عالية ولم يعد الانتقال ما بين المربعات متاحاً فإن العبيد أو “الأُسَرَاء” كما يسميهم الكواكبي لا تتحرر نفوسهم ويكسرون قيد العبودية إلا في جوٍ من الحرية والمربعات الأخرى هي مغلقةٌ على أصحابها لا ينتقل أحدٌ منها أو إليها.

الخلاصة التي أراها هي أنه لن يؤمن من قومنا -بالحرية- إلا من قد آمن.

ولهذا فإني أري أن القائل بأن معركة الحرية هي معركة الوعي هو قطعاً واهم؛ لأن من لم توقظه دماء الآلاف ومآسي أهاليهم ولم يوقظه الظلم البيِّن لمئات الآلاف من بني قومه فلن يوقظه شيء.

لن يسقط الانقلاب في “معركة الوعي”

ولن يسقط نتيجة الفشل الاقتصادي والفشل في إدارة الدولة

ولن يسقط نتيجة ثورة جياع

ولن يسقط بانقلاب جديد من بعض ضباط الجيش

سيسقط الانقلاب بإذن الله بتوكلنا علي الله والبحث عن وسائل حقيقية على الأرض لإسقاط الانقلاب؛ هذا الانقلاب إلى زوال بإذن الله ولكن بأيدينا ومن داخل مربعنا مربع الأحرار ولعلّه من توفيق الله هذا التمايز والتمحيص، الأكيد أنه لن يزول ببساطة ولن يزول بسلمية.

إنني أدعوا الله لأهل المسئولية في مربعنا أن يرزقهم الفطنة وبعد النظر وأن يوفقهم لامتلاك رؤية واضحة وطريقاً مرسوماً لإسقاط الانقلاب.

فلتحمد الله أخي أنك تقف في مربع الأحرار فهذا ليس بفضلك ولكنه بتوفيق الله لك وإرادته الخير بك.

هؤلاء هم المصريون كما أراهم اليوم، ولم أتمنى يوماً أن أكون مخطئاً كما أتمنى الآن.

ربما يتصور البعض أن هذا يأساً لا بالعكس تماماً فبعضنا يتصور أن الثورات تنجح حينما يقوم بها غالبية الشعب وهذا التصور عار عن الصحة بالمطلق؛ فلم يحدث في التاريخ أن قام “غالبية” الشعب بثورة بل إن “الطليعة” الحرة هي التي تتحمل عبء التغيير ولدينا والحمد لله لدينا ملايين من هذه الطليعة في مصر وهم “مربع الأحرار”. ثقوا في نصر الله وأبشروا.

ستنتصر ثورتنا بإذن الله

 
أضف تعليق

Posted by في 24 ديسمبر 2014 بوصة مقالات

 

الأوسمة: , , , , , , , , ,

أضف تعليق