RSS

الإنسان … صُنع في هيرجيسا

25 أكتوبر
الإنسان … صُنع في هيرجيسا

كان الباص يتقافز علي الطريق بسبب سوء حالة الطرق عموماً هنا في هذا البلد ، نظرت حولي فظننت لوهلة وكأننا نمر بالباص في وسط قرية بأطراف الريف المصري منذ ما يزيد علي عشرين عاماً ، كل شيء متسخ وعليه تراب أو باهت أو مكسور ومطحون ، وجوه مُرهقة ، والطريق ملأي بالحفر والروائح
صاح المشرف داخل الباص
: “نحن في قلب هيرجيسا عاصمة أرض الصومال” وظللنا علي هذه الحال لدقائق أخري وفجأةً تغير الحال وكأننا إنتقلنا – في غمضة عين -إلي دولة أخري بل كأننا انتقلنا لقرن آخر ؛ فجأة كل شيء مرتب نظيف ولامع ، شوارع رائعة ومسجد عملاق علي طراز مساجد الكويت ، زهور تملأ جنبات الطريق في منظر بديع تعشقه العين . والأهم وجوه باسمة مشرقة عليها من الله نور
ثم صاح نفس الصوت: “لقد دخلنا مجمع الكويت الخيري التعليمي”  .
بعدها خرجنا من الباص ولم تكن دهشتنا من جمال المشهد بأكثر من دهشتنا بما شاهدناه ولمسناه بأنفسنا عند لقائنا بمدير مجمع الكويت الخيري التعليمي ، قضينا ساعات في التجوال في هذه البقعة الطيبة من أرض هيرجيسا ؛
لقد شاهدنا عجباً

  • شاهدنا حقاً نموذج علي الأرض لبناء الإنسان ؛ ليس كلمات وشعارات بل واقع يتحقق علي الأرض .
    رأينا أناساً يبدأون في البناء من حيث انتهت المكاتب الأخري التي سبقتهم بالقارة الأفريقية
  • رأينا دأباً وحرصاً وسعياً دائماً للتميز ، مكتبنا بالصومال يعمل به 639 موظف يعملون بتناغم وصبر كخلية نحل لا تهدأ
  • رأينا روحاً وروحانية ، محبةً ومودةً وبسمةً صافية
  • فريق تنظيم الملتقي بأرض الصومال كانوا مبهرين حقاً فكل واحدٍ منهم هو دينامو لا يهدأ ولا يتوقف ولا تكاد تلمح أحدهم جالساً كأنه وُلد واقفاً ، بسمة لا تغيب وحضور ذهن لا ينقطع ، كل المشكلات عندهم محلولة وكل المهام عندهم مقضية . لا يتوقفون عن إصلاح وترتيب الأمور ثم إعادة الإصلاح والترتيب .
  • رأينا نجاحات وتميز يُشرف ويرفع اسم الكويت فالمجمع التعليمي الخيري وهو المعلم الأبرز في هيرجيسا حاملاً اسم الكويت
  • رأينا ابداع في إيجاد حلول المشكلات وإزالة المعوقات علي الطريق، رأينا بأعيننا مثلاً عن مشكلة تسرب المياه وملوحتها في التربة الخاصة بمزرعة وقفية أيتام المجمع ؛ وكيف أبدعوا في البحث فوجدوا أن مياه الأمطار العذبة تمر قريباً منهم لفترة قصيرة من العام في مجمع السيل بالوادي ؛ فأبدعوا حلاً بحفر بركة صناعية ضخمة مغلفة بعوازل للمياه بحيث يتم ضخ الماء العذب في الموسم والاستفادة منه في ري المزرعة طول العام .
  • رأينا كيف أصبحت مزرعة بورمة أول نموذج حقيقي ناجح للزراعة المنتجة بالصومال ؛ فهؤلاء الناس قد فعلوا المستحيل ، كانوا يقولون عنهم مجانين ؛ فمن يستطيع أن يُدَرّج الجبل ويزيل 60 فداناً من الغابات لتحويلها إلي مزرعة يانعة مثمرة
  • رأينا كيف ينجح القسم الفني الصناعي حتي يتحول لورشة منتجة علي مستوي فني راقي ؛ فيؤثث قسم النجارة أكبر فنادق أرض الصومال ويصل نسبة الإشغال إلي الحد أنهم يعطوا أول موعد للتسليم بعد ما يزيد علي الشهر لوجود طابور من الطلبيات واجبة التسليم
  • رأيت كيف سد القسم الفني بالمجمع حاجة المجتمع في تصنيع أسقف الزنك وهو مطلب مستمر بالسوق داخل أرض الصومال
    تأملت كثيراً يافطة “صنع في هيرجيسا” المكتوبة علي كل منتجات القسم الفني وقلت بل الإنسان هو الذي صُنع أولاً هنا في هرجيسا ، بعدها استمتعنا برؤية يافطة “صنع في هرجيسا”
    تحياتي لكم جميعاً

 

 
أضف تعليق

Posted by في 25 أكتوبر 2017 بوصة خواطر

 

أضف تعليق